الأحد، 7 أكتوبر 2018

في رسالتها رصاصة
التقيتها صدفة ، بل القدر جمعنا ، كانت جميلة ، هادئة كنسمة في ليلة صيف ، وإذا ابتسمت اشرقت شمس الربيع على محياها . تقربت منها ، فكانت روحها أجمل ، بقلبها الطيب البرئ براءة الأطفال ، وسريرتها النقية الطاهرة ؛ عاملتها معاملة الأميرات ، أغدقت عليها بجميل الكلمات ، كلماتي التي كانت من نصيب الكثيرات ، ولأنها صادقة صدقتني ، وكعادتي إذا أنا أوقعت بضحيتي ، اختلقت الأعذار وأوهمتها بظروفي الصعبة  لأهرب أو بالأحرى للبحث عن ضحية أخرى . كنت اتعمد أن لا أرد على اتصالاتها ، وأتجاهل رسائلها على جوالي ، وأتحاشى المرور بالأماكن التي ممكن أن نلتقي فيها ، وإن التقيتها أكثر النظر لساعتي حتى أوهمها بأنني كثير الأشغال ، وأرسم على وجهي ملامح الحزن ، وأنا في هذا أبرع إنسان ؛ كنت أشتكي لها مشاكلي وظروفي وكانت تتألم لحزني  ، وتحاول التخفيف من آلامي ، ومرت الأيام على هذا المنوال ، وزادت الهوة بيننا وغذيتها أنا بإهمالي ، وانقطعت عني رسائلها وما بقي بيننا أي تواصل أو اتصال ، وبدأ الفراغ يأكلني ؛ فراغ ما شعرت به من قبل ،  لأنني غيرت عاداتي و ما رحت أبحث عن ضحية جديدة ، واتصلت بها ما ردت على اتصالي ، كررت الإتصال وكان الرد صمت رهيب ، ولأول مرة اشعر بغصة أن لا يرد على اتصالك ، و بعد ظلمة أيام مرت ثقيلة رن هاتفي معلنا وصول رسالة ، كانت منها ، ضغطت على زر القراءة، بدأت رسالتها بالسلام  ، وسؤالها عن صحتي وظروفي وأحوالي ، و بعدها جاءت قنابلها التي هزت أركاني ؛  كانت كلماتها مؤدبة راقية ، لكنها صواريخ وقذائف مزقت أحشائي .
 عفوا سيدي ، لقد دخلت حياتي دون استئذان ، ومثلت علي الطهر والصدق  وأشهدت الله على ما في قلبك  وعلى صدق نواياك ، ولأنني من الذين  اذا ذكر الله وجلت قلوبهم  صدقتك ، عشت معك ألمك الزائف وكان قلبي ينزف لأجلك ، انا يا سيدي لا أهوى ممارسة لعبة المد والجزر ، كنت في اليوم أجد لك ألف عذر ، لكن مع كل عذر كاذب كنت أدق مسمارا بنعش حكايتنا ، وانتهت الأعذار الكاذبة ، وانكشف الوجه الحقيقي لإنسان كنت أظنه من الملائكة ، وأدخلت النعش في القبر ، وغطيته بتراب النسيان ، وليتك أنت أيضاً يا سيدي تنسى رقمي وإسمي وعنواني ، ولعلمك سيدي لن أموت من دونك ، فانا سأعيد بنائي من رمادي .
 مع تمنياتي لك بالهداية وصلاح الحال
 تجمدت بمكاني  أظلمت الدنيا بعيني ، هي لم ترسل رسالة ، بل صوبت مسدسها نحو صدري، وأطلقت رصاصتها ، فحولتني إلى أشلاء يصعب جمعها ، ليتها تعود وتجمعني .
*****فضيلة عبد الوهاب*****

ليست هناك تعليقات: